--------------------------------------------------------------------------------
" حلمٌ يراودني منذُ الصِّغَرْ "
سرَحْتُ بعيداً في خيالي
ومشيْتُ في زُقاقٍ من الصّورْ
والذِّكرياتُ من بعيدٍ أقبلَتْ
وتألَّقَتْ في ضوءِ القمرْ
فرأيْتُ وجهاً باسماً
ورأيتُ ورداً و زَهَرْ
ورأيتُ قلباً نابضاً
بالحبِّ قد غطَّى البشرْ
وعيون أُمٍّ ضاحكةٍ بعدما
بلّلتْ أطفالَها قطراتُ المطرْ
وأبٌ دؤوبٌ في العملِ لِيُقيتَ
أبنائهُ ويطعمهم رغم الفقرْ
وعجوزٌ كبرتْ .....
تعِبَتْ من سفرها
وأشابها طولَ الدَّهرْ
وشيخٌ أفنى شبابهُ ...
وعيونٌ اكْتَحَلَتْ بالسَّهرْ
وفتياتٍ جميلاتٍ يلعبْنَ
على شاطئِ البحرِ
وعلى أكتافِهِنَّ انْسَدَلَ الشَّعرْ
ورأيتُ جبلاً أخضراً
للفرحِ حاملاً على قمّتهِ
وعلى سفْحهِ والمُنْحدرْ
رأيتُ أشياءَ كثيرةً ... أمْعنْتُ فيها
وسرَحتُ معها ... ودقّقْتُ فيها النّظرْ
من ضِمنها رأيتُ نفسي
وقد تَعِبتْ قدمايَ من كثرةِ التِّرحالِ
ومرارةِ السَّفرْ
لكنَّ شيئاً غريباً ... حدثَ
وانْطَلَقتْ صافرةُ الخطرْ
الشّيطانُ دخلَ أرضنا
وأطلقَ فيها أتباعهُ
وتغيَّرّ فجأةً القدَرْ
وتناثرتْ صوَرٌ جميلةٌ
قصَّتْ لنا قصصَ العمرْ
وتبَدَّدتْ كلُّ الأماني
وحلمُ الطُّفولةِ ...
ضاعَ وانْدَثرْ
الأخضرُ أصبحَ يابساً
والقلبُ أصبحَ يائساً
والذّئبُ كشَّرَ عن أنيابهِ
واحْتلَّ الجبلَ والبحرْ
آياتنا كلّها عُكِستْ
وانقلبتْ إلى جوعٍ
وحرمانٍ وقهرْ
الطّفلُ أصبحَ شائباً
والشَّائبُ ماتَ ... أو مازالَ يحْتضِرْ
نساؤنا صاروا ثكالى
وأطفالُنا صاروا يتامى
وشبابُنا غضِبوا ... تذَمَّروا وتمَرَّدوا
والحقْدُ فيهم انْفجَرْ
وانْقَلبَ حلمي فجأةً
ورأيْتُ ماركافا وهَمَرْ
رأيتُ كلباً نابحاً ...
جنودٌ بعيونهم بانَ الغدرْ
داسوا على شرفِ قدسنا
ونشروا الموتَ في حرَمِنا
نشروا الخوفَ والذُّعرْ
حرَموا الأُمّةَ من دينها
حرمونا حتّى من نعمةِ البصرْ
وإلى الآنَ يحاولون
تغييرَ ديننا ويكافئون
بالذّهبِ من اتَّبَعهُمْ وبديننا كَفَرْ
لكنّهم لن يقدِروا ... فلقد ذاعَ صيتهُمْ
ونَبأُ الخيانةِ انْتشرْ
والدّينُ أخبرَنا بنِفاقِهمْ
والعالمُ عرِفَ الخَبرْ
وغداً سيعودُ قدسنا
وتعودُ الأرضُ ... وتعودُ ليالي السَّمَرْ
ويعودُ الحقُّ لأصحابهِ ... ويعودُ عيسى
ويعودُ المَهْدي المُنْتَظرْ
وسيلعنُ التَّاريخُ اسمَهُم
ويلعنُهُم ورقُ الشَّجرْ
وسيُنْطِقُ اللهُ خلقَهُ
ويُخْبِرنا بمكانِهم الحَجرْ
والأرضُ منهم ستُطَهَّرُ
وسينْمَحي عهدُ الغَجرْ
وتعودُ بهجةُ طفلنا وفتاتنا
وعجوزنا وشبابنا
ويعودُ الأملُ الذّي انْكسَرْ
وستُشْرقُ الشّمسُ جديدةٌ
ويعودُ الكونُ ويزْدهِرْ
والحلمُ الذّي أنا فيهِ سيخْتفي
فقد كانَ .....
يُراوِدُني مُنذُ الصِّغَرْ
.................................................. ................